فصل: إظهار الحجر على السفيه والمفلس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.إظهار الحجر على السفيه والمفلس:

من المستحب إظهار الحجر على السفيه والمفلس ليعلمهما الناس فلا يخدعوا بهما ويتعاملوا معهما على بصيرة.

.الحجر على الصغير:

وكما يحجر على السفيه لسفهه فإنه يحجر على الصغير ويمنع من تصرفه في ماله صيانة له من الضياع، ولا يمكن منه إلا بشرطين: الأول: أن يبلغ الحلم.
الثاني: أن يؤنس منه الرشد.
يقول الله سبحانه وتعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}.
نزلت هذه الآية في ثابت بن رفاعة وفي عمه.
وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه وهو صغير فأتى عم ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه إالآية.

.علامات البلوغ:

والبلوغ يثبت بظهور علامة من العلامات الاتية:
1- الإمناء سواء أكان ذلك يقظة أم مناما، لقول الله سبحانه: {وإذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} روى أبو داود عن علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم. وعن النائم حتى يستيقظ. وعن المجنون حتى يفيق».
وروى الإمام علي كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتم بعد احتلام» رواه أبو داود رواه البخاري.
2- إتمام خمس عشرة سنة لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني».
فلما سمع عمر بن عبد العزيز ذلك كتب إلى عماله أن لا يتعرضوا إلا لمن بلغ خمس عشرة سنة.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يحكم لمن لا يحتلم بالبلوغ حتى يبلغ سبع عشرة سنة وفي رواية عند أبي حنيفة وهي الأشهر: تسع عشرة سنة.
وقال في الجارية: بلوغها لسبع عشرة سنة.
وقال داود: لا يبلغ بالسن ما لم يحتلم ولو بلغ أربعين سنة.
3- نبات الشعر حول القبل. والمقصود بالشعر الشعر الاسود المتجعد لا مطلق شعر فإنه موجود في الاطفال. ففي غزوة بني قريظة كان يعرف المرء بأنه من المقاتلة بإنبات الشعر حول قبله. وقال أبو حنيفة: لا يثبت بالانبات حكم وليس هو ببلوغ ولا دلالة عليه.
4- الحيض والحمل: ويثبت البلوغ بهذه الاشياء المتقدمة.
بالنسبة للذكر والأنثى وتزيد الأنثى بالحيض والحمل لما رواه البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»، وأما الرشد فهو القدرة على إصلاح المال وحفظه من الضياع فلا يغبن غبنا فاحشا غاليا ولا يصرفه في حرام.
وإذا بلغ الشخص غير رشيد استمرت الولاية المالية عليه حتى يؤنس منه الرشد دون تحديد سن معينة للانتظار وفقا لظاهر النص القرآني خلافا لابي حنيفة ويعاد الحجر عليه إذا ظهر منه سفه بعد الرشد لأن ضرر السفيه كما قال الجصاص يسري إلى الكافة.
فإنه إذا أفنى ماله بالتبذير كان وبالا وعيالا على الناس وبيت المال. هذا من جهة الولاية على المال. أما الولاية على النفس فإنها تنقطع عن الشخص بمجرد بلوغه عاقلا وصيرورته مكلفا.
قال ابن عباس وقد سئل: متى ينقضي يتم اليتيم؟ قال: لعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الاخذ لنفسه ضعيف العطاء، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما أخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم.
وروى سعيد بن منصور عن مجاهد في قوله تعالى: - {فإن آنستم منهم رشدا}.
قال: العقل لا يدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط حتى يؤنس منه رشد.

.رفع الأمر إلى الحاكم عند رفع المال إلى المحجور عليه:

من العلماء من رأى شرط رفع الأمر إلى الحاكم واثبات رشده عنده ثم يدفع إليه ماله. ومنهم من رأى أن ذلك متروك إلى اجتهاد الوصي. والرأي الأول أولى في زماننا هذا.

.الولاية على الصغير والسفيه والمجنون:

لمن تكون الولاية؟ والولاية على الصغير والسفيه والمجنون تكون للاب.
فإن لم يكن الاب موجودا انتقلت الولاية إلى الوصي لأنه نائبه. فإن لم يكن وصي انتقلت إلى الحاكم والجد والأم وسائر العصبات لا ولاية لهم إلا بالوصية.

.الوصي وشروطه:

الوصي هو الذي وكل إليه أمر المحجور عليه سواء أكان التوكيل من الاقارب أو من الحاكم، ويجب أن يكون مشهورا بالدين والعدالة والرشد سواء أكان رجلا أم امرأة، فقد أوصى عمر إلى حفصة رضي الله عنهما.

.والواجب على الوصي:

أن يعمل في مال اليتيم والمحجور عليه ما ينميه ويزيد فيه.
ويجوز عند الإمام مالك للوصي وللاب أن يشتريا من مال اليتيم لانفسهما وأن يبيعا مال أنفسهما بمال اليتيم إذا لم يحابيا أنفسهما.

.التنزه عن الولاية عند الضعف:

عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا ذر، إنى أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم.

.الولي يأكل من مال اليتيم:

يقول الله سبحانه: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}.
أفادت هذه الآية أن الولي الغني لا حق له في مال اليتيم وأن أجر ولايته مثوبة له من الله. فإن فرض له الحاكم شيئا حل له أكله. أما إذا كان فقيرا فله أن يأخذ من ماله بالمعروف، أي المعروف في أجرة مثله لمثل العمل الذي يقوم به.
قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها - في هذه الآية: نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله إن كان فقيرا أكل بالمعروف.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم، فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل» والمراد النهي عن أخذ أكثر من أجرة مثله.

.النفقة على الصغير:

قال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا} قال القرطبي: الوصي ينفق على اليتيم على قدر ماله وحاله. فإن كان صغيرا وماله كثير اتخذ له ظئرا وحواضن ووسع عليه في النفقة. وإن كان كبيرا قدر له ناعم اللباس وشهي الطعام والخدم. وإن كان دون ذلك فبحسبه. وإن كان دون ذلك فخشن الطعام واللباس قدر الحاجة. فإن كان اليتيم فقيرا لا مال له وجب على الإمام القيام به من بيت المال. فإن لم يفعل الإمام وجب ذلك على المسلمين الاخص به فالاخص.وأمه أخص به فيجب عليها إرضاعه والقيام به ولا ترجع عليه ولا على أحد ا.هـ.

.هل للوصي والزوجة والخازن أن يتصدقوا بدون إذن:

وليس للوصي ولا للزوجة ولا للخازن أن يتصدقوا من المال إلا بإذن صاحب المال إلا أن يكون شيئا لا يضر المال.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجر ما كسب. وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا».

.الوصية:

.تعريفها:

الوصية مأخوذة من وصيت الشئ أوصيه إذا أوصلته.
فالموصي وصل ما كان في حياته بعد موته.
وهي في الشرع: هبة الإنسان غيره عينا أو دينا أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد موت الموصي.
وعرفها بعضهم: بأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، ومن هذا التعريف يتبين الفرق بين الهبة والوصية.
فالتمليك المستفاد من الهبة يثبت في الحال.
أما التمليك المستفاد من الوصية فلا يكون إلا بعد الموت. هذا من جهة ومن جهة اخرى، فالهبة لا تكون إلا بالعين. والوصية تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة.

.مشروعيتها:

وهي مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع.
ففي الكتاب يقول الله سبحانه: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
ويقول جل شأنه: {من بعد وصية يوصي بها أو دين}.
ويقول عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية إثنان ذوا عدل منكم} وجاء في السنة الأحاديث الاتية:
1- روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».
قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي.
ومعنى الحديث أن الحزم هو هذا فقد يفاجئه الموت.
قال الشافعي: ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه لأنه لا يدري متى تأتيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك.
2- وروى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه،
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ثم قرأ أبو هريرة. {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضاروصية من الله والله عليه حليم}».
3- وروى ابن ماجه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة ومات مغفورا له».
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الوصية.

.وصية الصحابة:

لقد انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الاعلى ولم يوص لأنه لم يترك مالا يوصى به.
روى البخاري عن ابن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم لم يوص.
قال العلماء في تعليل ذلك: لأنه لم يترك بعده مالا.
وأما الأرض فقد كان سبلها، وأما السلاح والبغلة فقد أخبر أنها لا تورث. ذكره النووي.
أما الصحابة فقد كانوا يوصون ببعض أموالهم تقربا إلى الله. وكانت لهم وصية مكتوبة لمن بعدهم من الورثة.
أخرج عبد الرازق بسند صحيح أن أنسا رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أوصى به فلان بن فلان أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ويشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به ابرهيم بنيه ويعقوب: {إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
حكمتها: جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم فضعوها حيث شئتم أو حيث أحببتم». والحديث ضعيف.
أفاد هذا الحديث أن الوصية قربة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل في آخر حياته كي تزداد حسناته أو يتدارك بها ما فاته، ولما فيها من البر بالناس والمواساة لهم.

.حكمها:

أما حكمها أي وصفها الشرعي من حيث كونها مطلوبة الفعل أو الترك فقد اختلف العلماء فيه إلى عدة آراء نجملها فيما يلي: الرأي الأول: يرى أن الوصية واجبة على كل من ترك مالا سواء أكان المال قليلا أم كثيرا، قاله الزهري وأبو مجلز.
وهذا رأي ابن حزم وروى الوجوب عن ابن عمر وطلحة والزبير وعبد لله بن أبي أوفى وطلحة بن مطرف وطاوس والشعبي قال: وهو قول أبي سليمان وجميع أصحابنا.
واستدلوا بقول الله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
الرأي الثاني: يرى أنها تجب للوالدين والاقربين الذين لا يرثون الميت.
وهذا مذهب مسروق وإياس وقتادة وابن جرير والزهري.
الرأي الثالث: وهو قول الائمة الأربعة والزيدية أنها ليست فرضا على كل من ترك مالا كما في الرأي الأول.
ولا فرضا للوالدين والاقربين غير الوارثين كما هو الرأي الثاني وإنما يختلف حكمها باختلاف الاحوال.
فقد تكون واجبة أو مندوبة أو محرمة أو مكروهة أو مباحة.

.وجوبها:

فتجب في حالة ما إذا كان على الإنسان حق شرعي يخشى أن يضيع إن لم يوص به: كوديعة ودين لله أو لادمي، مثل أن يكون عليه زكاة لم يؤدها أو حج لم يقم به أو تكون عنده أمانة تجب عليه أن يخرج منها أو يكون عليه دين لا يعلمه غيره أو يكون عنده وديعة بغير إشهاد.

.استحبابها:

وتندب في القربات وللاقرباء الفقراء وللصالحين من الناس.